كيف تحافظ على إنتاجيتك في ظل تزايد الضغوط

نصائح لرواد الأعمال المبدعين في الوطن العربي

بقلم: چنى العبيديين، راقصة وكاتبة وناشرة مستقلة مقيمة في بيروت بلبنان.

إن رواد الأعمال من المبدعين يؤدون يوميًا طيفًا متنوعًا ومتباينًا من المهام. فعلى الرغم من أن وظيفتهم الأساسية تتمثل في الإبداع، إلا أنهم يحتاجون في الوقت نفسه لوضع ورصد خطط وإستراتيجيات لمشاريعهم وكذلك أداء مجموعة من المهام الإدارية واللوجستية والسكرتارية. وتلك المهام يختلف كل منها اختلافًا جذريًا عن الآخر ويتطلَّب أداؤها عدة موظفين ذوي مهارات معينة. ولكن، نظرًا لاعتماد رواد الأعمال المبدعين على ميزانيات صغيرة في معظم الأحيان، لاسيما في بداية مسيرتهم المهنية، فإنهم غالبًا ما يضطرون لأداء هذه المهام المتناقضة بأنفسهم. إلا أن انتقال تركيزهم المتواصل ما بين المهام الإبداعية والعملية قد يصيبهم بالإجهاد والقلق. وهذا ينطبق بالطبع على رواد الأعمال في كل مكان، سواء في أوروبا أو الهند أو أفريقيا أو الأمريكيتين أو الشرق الأوسط.

أما رواد الأعمال من المبدعين المقيمين في لبنان فيتعرضون في الوقت الحالي لكثير من الضغوط الإضافية. تخيَّل أن تدير مشروعًا في ظل انقطاع التيار الكهربائي التام أو المؤقت وفي ظل انقطاع خدمة بالإنترنت المتكرر كل عشر دقائق. وتخيَّل أيضًا أن تعيش في بلد يمر بحالة متفاقمة من التضخم الاقتصادي وقامت فيه البنوك بتجميد مدخرات المودعين وأصبح فيه الدواء والوقود وحتى الخبز فجأة من السلع النادرة. حتى أن كثير من رواد الأعمال المبدعين المقيمين في لبنان قد شعروا بالحرج في الصيف الماضي إزاء التحدث عن إنجازاتهم. وهذا لا يعني أنهم قد عجزوا عن تجاوز أصعب العقبات مؤخرًا، ولكنّ الهزيمة الساحقة التي تعرَّضت لها بلادهم الحبيبة ألقت بثقلها على قلوبهم وحطت من معنوياتهم.

على الرغم من أن الأوضاع التي وصفتها سابقًا أوضاع استثنائية، ومن غير الوارد أن تتعرض لها بلاد أخرى، إلا أننا كمقيمين في منطقة شديدة التقلب كالشرق الأوسط نعرف جيدًا أننا أكثر عُرضة للتعرُّض للإجهاد الشديد بسبب ظروف خارجة عن إرادتنا.

وتختلف أعراض الإجهاد من شخص لآخر ما بين الإنهاك والتسويف والقفلة الإبداعية والقلق والافتقار إلى الطاقة والحافز والإلهام. وما أن تبدأ بعض هذه الأعراض بالظهور حتى ينتاب الكثيرين شعورًا مؤرقًا بالذنب لانخفاض مستوى إنتاجيتهم مقارنة بما يتوقعونه من أنفسهم كرواد الأعمال. وهو ما يعرضهم من جهة أخرى إلى ضغط نفسي إضافي هم في غنى عنه.

كيف يمكننا المحافظة على إنتاجيتنا في ظل تزايد الضغوط؟

قمت على مدى الأشهر القليلة الماضية باختبار عدة أساليب للمحافظة على الإنتاجية في ظل تزايد الضغوط ورأيت نتائجها بنفسي. سأشارككم إياها على أمل أن تجدوا بينها ما يناسب ظروفكم وأوضاعكم المختلفة.

اختصر قائمة مهامك

قد تبدو لك فكرة بديهية، ولكنها في حقيقة الأمر حيلة فعَّالة للغاية. إن اختصار قائمة المهام سيشعرك بالقدرة على تدبُّر عبء العمل الملقي على عاتقك وسيخفف من وطأة الضغط النفسي عليك. وبهذه الطريقة ستتمكن من تحقيق أهدافك اليومية مهما انخفض مستوى طاقتك. وهذا التعديل الطفيف لروتين عملك سيحدث فرقًا ملحوظًا. لن تشعر في نهاية يومك بتأنيب الضمير، بل ستختتمه بشعور بالإنجاز وهو ما سيحفز بدروه نشاطك وطاقتك. وهذا الأسلوب هو جزء من مبدأ شهير لإدارة الوقت يُعرَف باسم: مبدأ آيزنهاور. يحصنا هذا المبدأ على فرز المهام بحسب الأولوية والتركيز على ثلاث مهام بالغة الأهمية ولا يُشتَرَط أن تكون ملحة. سنحرص بهذه الطريقة على توظيف طاقتنا في أكثر المهام نفعًا بدل من توزيعها على قائمة طويلة من المهام.

طبِّق قاعدة الدقيقتين

قاعدة الدقيقتين هي أداء تساعد المرء على التغلب على عادة التسويف، وذلك حين يبدأ المرء على الفور بتلك المهام التي يتطلب أداؤها دقيقتين أو أقل. وهذا التكتيك يحفز نشاطك في الحال ليتسنى لك إنجاز مهامك التالية.

اصنع قائمة إنجازات 

نميل إلى شطب المهام من قوائمنا عند الانتهاء منها. وعند انتهاء يوم العمل نجد أنفسنا في كثير من الأحيان قد أنجزنا مهام لم تكن على قائمتنا الأصلية من البداية. ولكنك لو كتبت قائمة بإنجازاتك في نهاية اليوم ستثبت بذلك كل مهمة صغيرة قمت بإنجازها على مدار اليوم وستلفت انتباهك إليها. كما أن كتابة وقراءة قائمة الإنجازات يشعل المرء حماسًا.

التحايل على العقبات

إن الاستناد إلى خطط بديلة ليست بالشيء الجديد على رواد الأعمال. عليك أن تضع خطة بديلة لأي ظرف غير موات تتوقع حدوثه. ففي حالة حدوث أزمة وقود، على سبيل المثال، فكر في خيارات أخرى كالمشي وركوب الدراجة. وإن تكرر انقطاع التيار الكهربائي بشكل فجائي، وأصبح من المستحيل التنبؤ به مسبقًا، ابحث عن مقهى قريب للعمل فيه. وإن انقطعت خدمة الإنترنت على نحو غير متوقع، استخدم ورقة وقلم أو خذ استراحة ووطد علاقتك بأسرتك أو قم بالطهي.

اطلع على الحد الأدنى من الأخبار

لا شك أن البقاء على اطلاع بمجريات الأمور أمر بالغ الأهمية. وما من شك أيضًا أن لكل شيء صلة بالسياسة، وأن عملنا يتأثر ويؤثر على حياتنا العامة. ولكن التعرُّض يوميًا لكمّ كبير من الأخبار السلبية يستنزف طاقتنا ويعرضنا للغضب والحزن والأسى. اهتم بصحتك النفسية وتحكم في كمّ الأخبار التي تتطلع عليها. لو تسنى لك الاطلاع على خبر واحد يوميًا فحسب، سيكون هذا أمرًا رائعًا! والأفضل أن تطلع على الأخبار مساءً وليس صباحًا، لأن بداية يومك تؤثر على حالتك المعنوية طوال اليوم.

التزم بروتين يومي للتخلص من التوتر في خمس دقائق

قم بممارسة التأمل أو صلِّ أو ارقص أو مارس رياضة الملاكمة أو امشِ بخطوة سريعة أو اركض أو حتى قم بالطهي. حدد خمس إلى عشر دقائق يوميًا للقيام بنشاط يساعدك على التخلص من الطاقة السلبية التي تتدفق إليك من الخارج. قد يكون نشاطًا سريع أو بطيء الوتيرة، اختر ما تشاء. أهم شيء هو أن تلتزم به. قد تظن أنها مضيعة للوقت، ولكنها في حقيقة الأمر وسيلة لا تقدر بثمن لتجديد الطاقة وإطلاق العنان للإلهام.

أدخل الابتسامة على حياتك اليومية

على عكس الإحباط والغضب والحزن، يمكن للمرء أن يدخل بعض البهجة على حياته عمدًا. وإنه لمثبت علميًا أن الضحك يقوي المناعة! قد يبدو من الغريب أن تحدد موعدًا لجلسة ضحك، لاسيما والأحداث المأسوية تحيط بنا بصفة يوميًا. ولكنّ الضحك دواء مجاني، وذلك، فإنك لن تخسر شيئًا لو أوجدت فرصة للاستمتاع بالضحك ولو مرة واحدة أسبوعيًا. ولعل أسهل طريقة لإدخال بعض الضحك في جدولك الزمني هي مشاهدة عرض أو مسرحية أو فيلم أو مسلسل كوميدي.

إن التوصيات المقترحة أعلاه ليست سوى إضافة صغيرة لطيف واسع من الأدوات المقدمة من قبل منصة “ابتدي” لمساعدة رواد الأعمال المبدعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الازدهار.

إن كنت تبحث عن وسائل من شأنها مساعدتك في إدارة الوقت أو حل المشكلات أو اتخاذ القرارات ستجد موارد قيمة على هذه المنصة.

وإن كنت تشعر أنه يمكنك الاستفادة من التدريب والتوجيه الشخصي، فتابع أنشطة منصة “ابتدي” وشركائها. بينما أكتب هذا المقال فتح موقع “ابتدي” باب الاشتراك على موقعه التعليمي الإلكتروني في دورة تدريبية باللغة العربية بعنوان تطوير الأعمال لرواد الأعمال المبدعين في أوقات الأزمات. تتضمن دورة التدريب الإلكترونية محاضرات حول التفكير الإستراتيجي في أوقات الأزمات وحول بناء المجتمع وهي جلسات تقدم للمشارك وسائل للتعامل مع التحديات المعنوية، كالغضب والإحباط والمخاوف في بيئة العمل. وكما نعلم جميعًا، فإن مواجهة التحديات على نحو جماعي وتبادل الخبرات من شأنه أن يكون وسيلة مؤثرة وفعالة للتغلُّب على العقبات.

حقوق نشر الصور: چنى العبيديين

التعليقات

Laure (not verified)

Sat, 10/02/2021 – 3:39 PM

I completely relate to what is described in this article and I myself use some of these techniques in my daily life. That proved effective for me too! I would highly recommend that you try them for those who haven’t yet. Thanks for the additional tips!