عن صدمة انفجار مرفأ بيروت والقدرة على الصمود والتعافي في أعقاب الحادث

حوار مع زينة تقيّ الدين، خبيرة ومرشدة في مجال السلامة والرفاه مقيمة في بيروت

في الرابع من شهر أغسطس عام ٢٠٢٠ هزَّ انفجار ضخم العاصمة بيروت؛ دمَّر نصف المدينة وخلَّف أحيائها الأكثر حيوية ونشاطًا مهجورة ومقفرة. فَقَد جراء الحادث مائتا إنسان حياتهم الثمينة وأصيب الآلاف وتشرد المزيد.

وفي الصباح التالي، توجه الناس من جميع أنحاء البلاد تلقائيًا إلى العاصمة المدمَّرة حاملين معهم مكانس وقفازات وخوذات في محاولة منهم لتقديم المساعدة وتنظيف المكان واتخاذ اللازم. اجتمع الشباب وطلاب الجامعات جنبًا إلى جنب مع البالغين من الفئات العمرية والجنسيات والطوائف المختلفة للملمة حطام الزجاج الذي افترش الشوارع لمسافة أميال طويلة وتدلى من هياكل المباني. وفي ظل فشل الحكومة الذريع، أخذ الناس بزمام الأمور في أيديهم وبادروا بعفوية بمساعدة بعضهم البعض.

إن قدرة الإنسان على الصمود لمن الصفات البشرية الثمينة. وإن قدرته على النهوض مرة أخرى والتعافي من بعد تعرضه لصدمة يعتبر دليلًا على قوته وإصراره. ولطالما اشتهر اللبنانيون بقدرتهم على التعافي سريعًا بعد الأحداث المأسوية؛ يروضون الحياة وينهضون من تحت الرماد. ولكن، رغم كونها صفة ثمينة إلا أنها أصبحت بمثابة لعنة بالنسبة للكثيرين. هذا يكفي! يبدو أن قدرة الإنسان على التعافي تسمح للشر والفساد بالتمادي بلا خجل.

فيما عدا قمع الاحتجاجات الشعبية بعنف، لم يكن للدولة ومؤسساتها أي دور في هذه الأزمة. وكان على المواطنين مساعدة بعضهم البعض على النهوض والتعافي، كل بحسب قدرته.

وقد مرَّ عام كامل على الانفجار. وإن جزء كبير من التعافي من الصدمات يعتمد على المساءلة وتقديم الرعاية وإعادة إرساء الأمان، وهي، للأسف، جوانب غير ملموسة بالمرة على أي صعيد رسمي، بل يبدو أن ذلك الدعم الجماعي الفطري هو الذي يساعد الناس على الصمود.

سنتحدث في هذا الحوار عن الصدمات والتعافي والصمود الجماعي في مجتمع يعاني ماليًا وسياسيًا. تشاركني الحوار زينة تقي الدين، ممارسة متخصصة في العلاج الجسدي النفسي مقيمة في بيروت ومدربة يوجا ملمة بعلاج الصدمات. كما نسلِّط الضوء في حديثنا على سلسلة الحلقات الدراسية الإلكترونية التجريبية التي نظمتها زينة مؤخرًا مع بلوم، وهي منظمة تدعم رواد الأعمال بمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في تنمية مشروعاتهم التجارية.

عندما وقع الانفجار كنتِ في حي الحمرا المجاور. حدثينا عما مررتِ به وقت الحادث، وكيف تعاملتِ مع الصدمة؟ وهل وجدتِ طريقك إلى التعافي مرة أخرى؟

كنت أتناول الآيس كريم مع أحد أصدقائي عندما وقع الانفجار. مازلت أتذكر أنني شعرت بارتطام عنيف ومكتوم تحت الأرض. تملكتني في هذه اللحظة رهبة شديدة، وتساءلت ما إن كان هناك زلزال على وشك الحدوث. وفي غضون ثوانٍ قليلة، وبينما نحن نتحدث عن نكهات الآيس كريم، وقع الانفجار. انحنينا لأسفل بحثًا عن ساتر بينما ارتجَّت الدنيا من حولنا. ظننت في هذه اللحظة أنها سيارة مفخخة، إلى أن رأيت السحابة الوردية المخيفة تتصاعد إلى عنان السماء. ظننت عندئذ أنها حرب كيمائية. هكذا أصبح العالم الذي نعيش فيه، أتتخيلين ذلك؟

بالنظر للوراء أعتقد أن خط دفاعي الأول قد تمثل نوعًا ما في الانفصال عن الواقع والإنكار. احتجتُ للبقاء في المنزل رغم ما لحق به من أضرار. وكنت بحاجة للعزلة وعدم الاختلاط بأي شخص أو أي شيء. ربما كان هذا نوعًا من الإنكار، ولكني شعرت فحسب برغبة في التزام الهدوء وأخذ الأمور بروية.

إن رد فعل البشر على الصدمات يختلف من شخص لآخر. هناك من يحتاج للقيام بشيء فتجده قد نزل الشارع على الفور، وهناك من يحتاج إلى الابتعاد قدر الإمكان. ويعتمد حجم الصدمة وحجم الأضرار على قرب الشخص من مكان الحادث، فكلما كان الشخص أقرب إلى مركز الانفجار وقت حدوث كلما زاد حجم الصدمة والضرر.

لم أشعر برغبة في القيام بشيء إلا بعدها ببضعة أيام، تحديدًا في صباح يوم الأحد، عندما حان موعد صف اليوجا الذي اعتدت تقديمه أسبوعيًا منذ ما يقرب من عشر سنوات ليكون تمرينًا لطيفًا في الصباح. وكنتُ قد بدأت منذ تفشي وباء الكورونا في بث التمارين على الهواء مباشرة عبر صفحة مركز هنا لخدمات الرعاية التكميلية على الفايسبوك.

ولم يكن حتى يوم الأحد، الذي تلي انفجار المرفأ يوم الثلاثاء، أن شعرت أخيرًا بجسدي مرة أخرى وامتلكت الشجاعة الكافية للتحدث، والجرأة على مواجهة حقيقة ما حدث.

جاء الانفجار بعد سلسلة طويلة من الانتهاكات من قبل الدولة كشعرة قصمت ظهر بعير. جمَّدت البنوك مدخرات المودعين، واستمرت الدولة في تحصيل الضرائب من دون تقديم خدمات في المقابل. ووصل معدل التضخم في لبنان إلى ١٣١،٩%، هو الأعلى على مستوى العالم وفي ازدياد مستمر. ورغم كل هذا، لا يتوقف الناس عن إحياء مشروعاتهم وأعمالهم: المطاعم والبارات والحانات مفتوحة، والمؤسسات الثقافية والفنية تخضع للتجديد وتُدار بتمويل أجنبي، والأموال الجديدة تتدفق في الأسواق مرة أخرى لتغذي وتدعم في النهاية نفس هذا النظام الفاسد المذنب. وهذا ما يُسمونه بالقدرة على الصمود والمرونة. هل ترين أن الصمود هو الرد الشافي على هذه الانتهاكات المنهجية؟ وما هو البديل؟         

تلك أسئلة حيوية، ولكني لا أملك لها أجوبة. أعرف فقط أن قدرة الإنسان على التأقلم والصمود هي جزء من طبيعته البشرية. وأعرف أيضًا أن الناس يميلون إلى التضامن معًا ودعم بعضهم البعض عند مواجهة الكوارث، وهذا أمر جيد. إن وقوع مثل هذه الأحداث يكشف تلقائيًا عن مجتمعات محلية. فالناس بحاجة للتحدث عما حدث والتواصل مع بعضهم البعض من أجل التعافي نفسيًا.

إنني لا أعقد أملًا كبيرًا على الحكومة أو الطبقة السياسية في طرح أية حلول لهذه الأزمة. وبقدر ما هو محبط أن تعيش في بلد يفتقر إلى المرافق الأساسية من كهرباء ووقود وخدمات جمع القمامة، ناهيك عن الأزمة المصرفية وتبخر المدخرات وحالة الجفاء والحزن المتزايدة التي تخيم على الأحياء، إلا أنني أستشعر في الوقت نفسه تحلي الناس بمزيد من الصبر وبرعايتهم لبعضهم البعض في خضم هذه المأساة الجماعية؛ بدءًا من بقالة ومخبز الحي ووصولًا إلى مشاركة السيارات بين الجيران وبحث كل منهم عن الدواء للآخر. هنا، في هذه المجتمعات الصغيرة، يمكننا أن نطمح إلى الاحترام والنزاهة البشرية. وكذلك في الطبيعة. لعلها أكبر ثروة وأعظم معالج على الإطلاق. يا لعظمتها! إنها رمز التجدد والانبعاث والاستمرارية الراسخة، وهي قادرة على الشفاء والعطاء.

ولقد رأيت الكثيرين قد هموا وغادروا المدينة باحثين عن الاستقلال الذاتي من خلال العودة للطبيعة والزراعة، وأظنه قرارًا حكيمًا. لبنان تمتلك بالفعل أراض زراعية خصبة ولا يزال الناس على صلة طيبة بقراهم. ولذلك، فإنه من الذكاء أن يقرر الناس العودة للطبيعة وتبني المبادرات الشعبية في وقت تخيم فيه الفوضى على العاصمة.

تلقيت تدريبًا كممارسة علاجية للصدمات، تحديدًا في مجال علاج المعاناة النفسية العضوية. لا بد أنكِ من أوائل الذين بادروا بتقديم المساعدة في موقع الانفجار. حدثينا عن ذلك.

إن ممارسة علاج الصدمات تختلف عن الاستجابة في حالات الطوارئ. ورغم وجود علاقة بين كلا المفهومين، إلا أنهما مختلفان. فنحن نتحدث، من ناحية، عن الاستجابة الفورية في حالات الطوارئ، ومن ناحية أخرى، عن استعادة التوازن الداخلي في أعقاب الصدمة.

وبصفتي ممارسة علاجية للمعاناة النفسية العضوية فلقد تدربت على المساعدة في تخفيف الآثار التي تخلفها الصدمات مع مرور الوقت. ويتم ذلك من خلال فهم واستشعار الجسم ومساعدة النظام العصبي اللاإرادي على المضي قدمًا نحو إعادة التوازن. وهذا يتطلب العودة إلى وضع الأمان، حتى وإن كان أمانًا ’نسبيًا‘ أو ’مؤقتًا‘. فمن خلال هذا الوضع يمكننا المساعدة على التنفيس عن الصدمة وتغيير الآثار المترتبة عليها.

أشعر أنني محظوظة لأن زملائي من مجموعة علاج المعاناة النفسية العضوية تواصلوا معي لمساعدتي على استعادة الشعور بالأمان وهو ما مكنني من النوم بشكل فضل. وعندما أصبحت أكثر اتزانًا وتركيزًا تسنى لي العودة لممارسة عملي على نحو أكثر فعالية.

تشاركين في برنامج بلوم للسلامة والرفاه، وتعاونت مع المنظمة في تنظيم سلسلة من الحلقات الدراسية الإلكترونية حول السلامة والرفاه في مكان العمل. ووقع اختيارك في دورته الأولى على متحدثين من الخبراء المقيمين في بيروت “لينفتح قلب بيروت المتعافي على العالم”، على حد وصفكِ. هلا أخبرتِنا المزيد عن الحلقات الدراسية الإلكترونية التي تنظمينها في الوقت الراهن؟

تواصل معي المؤسسان المشاركان لمنظمة بلوم، منير نبتي وبلال غالب، بشأن التوعية بالرفاه باعتباره حقًا أساسيًامن حقوق الإنسان. قالوا لي: “الكل يعاني من ضغوط في أعقاب الصدمة؛ دعينا نفعل شيئًا حيال ذلك!”

تُقام دورات سلسلة الرفاه كل أسبوعين على مدى ثلاثة أشهر، وتسلِّط الضوء على ثلاثة محاور: الذات والمجتمع والطبيعة. يهدف البرنامج إلى تعزيز شعورنا بالترابط وزيادة المصادر التي تمدنا بالدعم بحسب محاور الحياة السابق ذكرها

يشارك في البرنامج خبراء في منتصف مسيراتهم المهنية وشباب جامعيين معظمهم في أواخر العشرينات والثلاثينات من العمر، ومن بينهم أيضًا من هم في عقدهم الرابع. يطرحون أسئلة هامة حول كيفية تحطيم القوالب النمطية القديمة وكيفية مواجهة التحديات الحقيقية.

ومعنا في البرنامج مجموعة من المتحدثين تتميز برحابة صدرها ومهاراتها الاستثنائية. انطلقت السلسلة في سبتمبر ٢٠٢١ على خلفية مرور سنة على الانفجار في أغسطس، وستُختَتَم فعالياتها في أواخر نوفمبر.

قمتُ بإلقاء مقدمة بسيطة ولطيفة عن تعريف الصدمة. إن التحدث عما يحدث باعتباره أمرًا طبيعيًا يقلل من رهبته ويعزز الوعي بكيفية اتخاذ قرارات أفضل من أجل التعافي. وكانت زميلتي، لينا باهو، هي المتحدثة التالية ضمن محور “الذات” وحكت للمشاركين عن تجربتها الشخصية في تغيير المسار المهني وحول تقنية التحرر العاطفي وهي ممارسة فعالة جدًا في التعرُّف على أنماط التفكير السلبية وبالتالي تجاوز معوقات النجاح.

وانتقل التركيز في حلقات شهر أكتوبر من التنمية الذاتية إلى العمل الجماعي والتعاون. وكشفت لنا خبيرة التواصل اللاعنفي، تانيا عوض غرة، عن بعض النصائح لتحسين مهارات الاستماع ومن أجل تواصل نابع من القلب. أما مؤسسة منظمة كلاون مي إن Clown Me In، سابين شفقير، فقد حولت جلسة الإنترنت إلى ساحة من المرح والحركة والتعبير عن المشاعر مبينة دور العمل الجماعي في إحداث تحوُّل.

وفي نوفمبر، تسلِّط المناقشات الضوء على تعميق صلتنا بالطبيعة لمزيد من الاستقرار وحضور أكثر رسوخًا. وبينما نعزز الوعي بحيوية عالم الطبيعة، ننفتح في الوقت نفسه على الإبداع والمثابرة. ويتحدث في هذا الجزء من السلسلة كل من هلا مكارم، مؤسسة إن سايت للريادة الإبداعية، ورنا حداد، أخصائية العلاج البيولوجي بالموجات الحركية الحيوية، وقد كانت إنجازاتهما مصدر إلهام عظيم لي.

جدير بالذكر أن المشاركة في جميع الجلسات مجانية، وأنه يتم تسجيلها ليتسنى مشاهدتها في أي وقت على هذا الرابط. كما يقوم كل متحدث بإعداد وحدات تعليمية لتكون جزءًا من مكتبة بلوم الرقمية مفتوحة المصدر.

بمناسبة الحديث عن العالم الرقمي، عندما تم فرض حظر جراء تفشي وباء كورونا قمتِ بإطلاق دورة تدريبية عبر الإنترنت: يوجا من أجل تخفيف الضغط النفسي والقلقهلا أخبرتِنا المزيد عن تجربتك مع المنصات الإلكترونية خلال هذه الأوقات الصعبة؟  

بصراحة، أنا وزميلتي جارفِنبا، مؤسسة تولز فور إنِّر پيس Tools 4 Inner Peace، نخجل من الكاميرا ونولي اهتمامًا أكبر للعمل نفسه في مقابل المظهر الاجتماعي. ولذلك، فإن وجودنا نادر على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكننا أدركنا مع فرض الحظر وتوقَّف كل شيء، أن اللجوء للتكنولوجيا قد يكون مفيدًا لأنه سيمكننا من البقاء على تواصل ومن مشاركة الآخرين إنجازاتنا. بحثنا عدة خيارات ووقع اختيارنا في النهاية على منصة يودِمي Udemy، وذلك لأنه بدا لنا أنها تقدم محتوى أكثر تركيزًا على الناحية التعليمية وعلى تطوير الذات. ووصل أعداد الطلاب الذين التحقوا بدورتنا إلى أكثر من ٢٥٠٠ طالب! لم نكن لنتصور أن نصل لهذا العدد من الناس من خلال الدورات وورش العمل الميدانية. ولذلك، فلقد كانت التكنولوجيا إضافة كبيرة لنا بلا شك، لاسيما وأن تسجيلات الفيديو ستظل متاحة لفترة طويلة عقب أي حادث ذو صلة.

هلا أعطيتِ قراءنا نصيحة بشأن التعافي من الصدمات؟

يستجيب المرء للصدمات على عدة مراحل. تتمثل المرحلة الأولى في التواصل الاجتماعي. ينظر كل منَّا للآخر ويقرأ تعبيرات وجهه ويقيم الموقف ويتساءل: ’هل كل شيء على ما يرام؟ هل نحن بخير؟‘. هذا هو المفهوم الذي طوره د. ستيفن پورج ضمن النظرية التي قام بوضعها والمعروفة باسم: نظرية پوليڤاجال.

إن ما فرضه وباء الكورونا من حظر حجَّم شعور الناس حسيًا بهذا التواصل. وفي الوقت نفسه، ازداد ازدحام العالم الرقمي بالورش والدورات التدريبية واجتماعات زوم، وهو ما خلق مصادر جديدة للدعم. واكتشفت من خلال تجربتي الشخصية أن انتمائي لمجموعة علاج المعاناة النفسية العضوية ومجموعة نيورو إفكتيف تاتش كان هو الداعم الأكبر لي أثناء وجودي في وسط بيروت.

وفيما عدا التواصل الاجتماعي كاستجابة أولية للتهديد، لدينا ما يُسمى بـ “three ‘f’s” وهي ردات الفعل الثلاث التي تبدأ بحرف الـ f؛fight  أي القتال، flight أي الهرب وfreeze أي التجمُّد. من لديه طاقة القتال يحتاج للقيام بشي والتحرك والتعبير عن نفسه، لاسيما بذراعيه وصوته. وإن تدفق الناس للشوارع بعد الانفجار لكنسها ولملمة الزجاج المحطم وإعادة البناء لهو وسيلة رائعة لتوظيف نزعة القتال في عمل هادف وتنفيس هذه الطاقة.

أما من ينتمون للنوع الثاني، فهم بحاجة للهرب إلى ملاذ آمن على الفور، وهو ما جعل الكثيرون ينتقلون إلى القرى والبلدات الواقعة خارج حدود العاصمة للتعافي مرة أخرى واستعادة توازنهم بعيدًا عن الخطر. وإنه لأمر بالغ الأهمية، بل وجزء من العلاج، أن يشعر هؤلاء بالأمان البدني مرة أخرى، والطبيعة من أفضل الأماكن لتحقيق ذلك.

ينبغي التعامل مع ردة الفعل الثالثة، التجمُّد، بمنتهى الحساسية لأن أصحابها يعانون من ذهول كلي أو جزئي وتوقف الإدراك. حين تتملك هذه الحالة منَّا قد يبدو العالم غريبًا عنا تمامًا، أو نشعر بأننا غرباء حتى عن أنفسنا. وكثيرًا ما يتحدث د. پيتر لِڤين عن أهمية هذه الآلية من آليات البقاء وكيفية التعامل معها.

ينبغي الأخذ في الاعتبار أن ردود الفعل السابقة ردود تلقائية، أي لاإرادية. ليس لدينا خيار في هذا الشأن. ولذلك، لا داعي للتقليل من شأن أي منها، بل الأفضل أن نتفهمها ونتقبل منطقها كآليات وقائية، ونلتمس الدعم الاحترافي، لاسيما العضوي، لمساعدتنا على التنفيس عنها.

وعلينا أولًا وأخيرًا أن نتروى وننتبه للإيجابيات من أجل موازنة هذه الآلام. وهذا لا يعني أن نيأس من العدالة. ولكن الامتنان موقف قوة.

بقلم: چنى العبيديين، راقصة وكاتبة وناشرة مستقلة مقيمة في بيروت بلبنان.

التعليقات

Christina Heinl (not verified)

Tue, 11/23/2021 – 12:09 PM

Excellent and so clear and well and not least warm explanations! Well done Zena x