أكو: مشروع مجتمعي يزخر بفرص في متناول الجميع

ماكو باللهجة العراقية تعني “لا يوجد”.

منذ انخراطي في الدورات التدريبية والمشروعات الموجَّهة للشباب عام ٢٠٠٨ وهذه الكلمة تتردد على مسامعي. لم أسمع غيرها من أولاد وبنات ورجال وسيدات، من جميع أنحاء العراق وكردستان؛ بدءًا من دهوك ووصولًا إلى البصرة والمثنى. كان لديهم جميعًا نفس الشكوى: ماكو عمل، ماكو فرص للتطور، ماكو تعليم جيد، ماكو وظائف، ماكو فرص للنساء اللواتي لا يستطعن مغادرة منازلهن وماكو إمكانيات للنمو والتطور على المستوى شخصي.

عندما بلغت الكورونا ذروتها وأدخلت العالم أجمع في حالة من السكون وقتلت الأمل بداخلنا شيئًا فشيئًا كلما تزايدت أعداد الضحايا يومًا بعد يوم، جاءتني فكرة أكو! أي “يوجد”!

ربما أكون قد قرأت كتاب “السر” لـ روندا بيرن أكثر من اللازم، ولكني شعرت أن الوقت قد حان لتتردد كلمة أكو على ألسنة الجميع!

أردت من خلال منصة وتطبيق “أكو” أن أجمع كل الوظائف (دوام جزئي وكامل وعن بعد) وفرص التدريب المهني والتطوع والمنح والدورات التدريبية في مكان واحد. أي أن تكون هذه المنصة بمثابة ملتقى أو بيت لكل الفرص المتاحة في جميع أنحاء البلاد. أطلقنا المبادرة في منطقة كردستان، ونتطلع إلى التوسع إلى مناطق أخرى بالعراق مع بداية أوائل العام القادم.

يمكن للمستخدم أن يبحث عن أي فرص يريدها على موقع أكو المتوفر بثلاث لغات (الإنجليزية والكردية والعربية)، وذلك بناء على خبراته ومكان إقامته. كما يتسنى لأصحاب العمل نشر الفرص المتاحة لديهم على الموقع في أقل من دقيقتين. وكل هذا دون مقابل!

أتطلع لأن يكون أكو في العراق مثل الفايسبوك والتويتر وأن يتصفحه المستخدمون يوميًا للاطلاع على هذا الكم الهائل من الفرص المتاحة. ويضم التطبيق الهاتفي قسم للتنمية الذاتية من المقرر تفعيله في المستقبل. يضم هذا القسم فيديوهات تدريب مسجلة مسبقًا يمكن للمستخدمين الاطلاع عليها لتنمية مهاراتهم. فلقد أدركت منذ إطلاق أكو في إقليم كردستان، أن هناك فجوة بين مهارات الأفراد ومتطلبات واحتياجات السوق. ولذلك، يضم الموقع أيضًا دورات تدريبية لتنمية بعض المهارات الأساسية المطلوبة في السوق مصممة بحسب احتياجات الأفراد المختلفة.

إن تأسيس شركة مجتمعية تقنية في سوق جديد على التكنولوجيا لم يكن بالأمر السهل، وكانت رحلة مليئة بالتحديات، أولها وأهمها تطوير التطبيق، ويليها التحديات المالية. وعلى الرغم من أن تطوير التطبيق قد استغرق أكثر من ١٥ شهرًا، إلا أنني فخورة أننا فضلنا، رغم التحديات، أن نقوم بتطوير هذا التطبيق كليًا في أربيل بإقليم كردستان، بداية من أول عصف ذهني ومرورًا بالتصميم ووصلًا إلى الترميز، بل أعتبر ذلك إنجازًا.

بدأت هذا المشوار بمفردي، بدعم من فريق مختبر الابتكارات في العراق (IRIL) الذي ساعدني ووجهني وتبادل معي الأفكار وقدم لي المساعدة التقنية اللازمة. كنت أشعر أحيانًا أن قطاع التكنولوجيا بعيدًا تمامًا عن مجالي الدبلوماسي التربوي، ولكني سرعان ما كنتُ أتذكر أن رئيس مختبر الابتكارات كان كثيرًا ما يعبر لي عن إعجابه بشغفي.

بينما كنتُ أشق طريقي عبر صناعة تكنولوجيا المعلومات وأقرأ مقالة تلو الأخرى حول تطبيقات الهاتف المحمول، أدركت أن شغفي وحده لم يكن كافيًا، فاستعنت بمؤسس مشارك للاعتناء بالمسائل التقنية. وكان قرارًا في محله. كما قمنا خلال هذا الشهر بتعيين ثلاثة متدربين من بين مجموعة كبيرة من المتقدمين. وتصادف أن جميعهن من النساء، فصرنا فريقًا من خمس نساء يقمن بإدارة شركة مجتمعية تقنية في إقليم كردستان العراق.

وتسعى هذه المنصة من جهة أخرى إلى إحداث تغيير مجتمعي من خلال طرح ثقافة جديدة في المجتمع، وهي ثقافة عمل الطلاب. آمل أن توفر الشركات المزيد من فرص التوظيف بدوام جزئي والتدريب المهني للطلاب والشباب الذين هم على استعداد لتحقيق التوازن بين الوظيفة والدراسة. ويمكن لهذه الشركات والمنظمات أن تستغل منصتنا هذه في توظيف أبناء وطننا، الذين يضطرون في الغالب للانتظار إلى ما بعد التخرج للبحث عن وظيفة.

وهناك نساء وفتيات لا يمكنهن الاستفادة من الوظائف المتاحة حاليًا لعجزهن عن مغادرة المنزل، إما لاختيارهن ذلك بمحض إرادتهن أو لأسباب اجتماعية وجغرافية أو من أجل رعاية أطفالهن. ومن أجل هؤلاء أطلقنا خاصية “العمل عن بعد”، وسوف نبدأ في البحث عن فرص تتناسب مع متطلبات وظروف النساء والفتيات القادرات على العمل من المنازل، ونشرها على الموقع، لئلا يضطررن لمغادرة بيوتهن من أجل العمل.

بالإضافة إلى ذلك، سيتمكن المستخدمون من تعلُّم المهارات المطلوبة في سوق العمل من منازلهم دون عناء، وذلك بفضل فيديوهات التدريب المسجلة مسبقًا والمتوقع رفعها على الموقع مع بداية عام ٢٠٢٣. تُقدَّم هذه الفيديوهات من قبل خبراء متخصصين من جميع أنحاء البلاد بلغة ولهجة المستخدمين، وتعتبر حلًا جوهريًا لمشكلة متفاقمة، لحين قيام نظامنا التعليمي بإعداد الأفراد على سوق العمل.

آمل أن يساعد الموقع الشباب في العثور على فرص تدريب رائعة خلال إجازاتهم الصيفية التي تمتد على مدى ثلاثة أشهر، وأن يكتسب المزيد والمزيد من الأفراد خبرات حياتية كمتطوعين، بدلًا من تمضية أوقات فراغهم في تصفح الإنترنت والتنقل بين شبكات التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم مما نواجه من تحديات مالية وتقنية، إلا أننا، كفريق عمل أكو، نعمل بشغف وبلا كلل ليصبح تطبيق أكو أفضل تطبيق لاكتشاف الفرص في العراق.

ولو ما بدأنا، كمجتمع وكأفراد، في ترديد كلمة “أكو” وغرسها في نفوسنا، سيتحقق “السر” وتنجذب إلينا كل الفرص المتاحة في متناول أيدينا.

يمكنكم تحميل تطبيق أكو من هنا، وإن كنت رب عمل، يمكنك نشر الوظائف المتاحة لديك على موقعنا الإلكتروني.

بقلم سازان مـ. مندلاوي، منسقة ومُدَوِنة شغوفة في طريقها للحصول على درجة الدكتوراه في مجال التعليم. تسلِّط الضوء في مدونتها على المشهد الثقافي والإبداعي بإقليم كردستان بالعراق.

حقوق طبع ونشر الصور: سازان مـ. مندلاوي و DataCode: BLOCKEDdatacode[.]appBLOCKED