للحصول على تقييم دقيق لمدى تطوّر ونجاح مشروعك، لا بدّ من وجود مرجعيّة بيانيّة وتحليليّة تتيح عمليّة تحديد الأهداف المرحلية واتّخاذ القرارات وقياس الأثر عند كل مرحلة، منذ لحظة الانطلاق وفي أثناء التنفيذ، وصولًا إلى الإتمام، تُحدَّد هذه المرجعيّة من خلال الدراسة الاستقصائيّة الأوليّة التي تنطلق من قياس الظروف والمعطيات (المؤشّرات) الرئيسية كاحتياجات السوق والمفاهيم العامة لدى الفئات المستهدفة والمخاطر والتحديات، قبيل بدء المشروع والتي يمكن على أساسها تقييم سير العمل ومقدار التغيير الذي يحدثه.

قد تتوافر بيانات الدراسة الاستقصائيّة الأوليّة من المصادر الرسميّة أو المحليّة، ما يسهّل المهمّة على الباحث/ة ويحصرها في جمع المعلومات اللازمة بحسب ما تقتضيه تطلّعات المشروع وأهدافه، ومن ثمّ المواظبة على تحديثها وتعزيزها بالبيانات المستجدّة ومقارنتها دوريًا.

وفي حالات أخرى -ولا سيّما في غياب الإحصاءات الرسميّة أو المصادر الموثوق بها- تكون الدراسة الاستقصائيّة الأوليّة ضرورية لتعيين المؤشرات التي يُقيَّم على أساسها المشروع. وتستخدم منهجيّات بحثيّة متنوّعة ومتناسبة مع العوامل الخاصّة بالمشروع، سواء لجهة اعتمادها على مؤشّرات خاصّة بها أو لمراعاة محدّدات الفترة الزمنيّة أو الرقعة الجغرافيّة أو الميزانيّة. وتأتي الدراسة الاستقصائيّة الأوليّة خطوة مباشرة بعد مرحلة تقييم الاحتياجات الأوليّة وهندسة المشروع وقبل بدء التنفيذ.

تختلف مُخرَجات الدراسة الاستقصائية الأوَّلية بحسب الأهداف العامّة للمشروع، فعلى سبيل المثال، قد تتطلّب الدراسة الاستقصائية الأولية عن ريادة المرأة في قطاع الأنشطة الاقتصادية الإبداعية في المنطقة العربية، مسح الأدبيات المتوافرة أو القابلة للمقارنة وجمع المعلومات عن نسب تمثيل المرأة في الأدوار القياديّة والرياديّة في القطاع، ونوع الوظائف ودرجات المناصب التي يشغلنها بالمقارنة مع نظرائهن من الرجال، مواقف وسلوكيات الأطراف المعنيّة حيال تمثيل المرأة في المواقع القيادية والريادية، الحالات التي تسمح للمرأة بالوصول للمواقع القياديّة وإمكانية تعميمها، التدابير المتوافرة أو غير المتوافرة لدعم تمثيل المرأة، المبادرات الداعمة لتعزيز وجود المرأة في المواقع القيادية والريادية ومدى نجاحها.

وتكون هذه المعلومات أساسية في رسم السياسات القريبة والبعيدة المدى وتحديد المسؤوليات وجذب الاهتمام من الأطراف المعنية في الأسواق التي لا يكون غياب المعلومات فيها أحد المعوّقات الأساسية لقيام مبادرات ومشاريع ناجحة مستديمة الأثر.